ملخص درس التوحيد والحرية

ملخص درس الحرية و التوحيد في رحاب التربية الاسلامية. 

في اطار تحضير لدروس التربية الاسلامية ثانية باك، نقدم لكم اليوم:

  • مدخل التزكية: العقيدة.
  • درس: التوحيد والحرية.
  • أهداف الدرس : التعرف على مفهومي التوحيد والحرية. إدراك المتعلم العلاقة بين التوحيد والحرية. 

الوضعية المشكلة للدرس التوحيد و الحرية

في أحد الأيام وأنت ماض إلى عملك أو مؤسستك، التقيت بزميل لك، فحييته بتحية السلام، ورد عليك في فرح وسرور، وخلال حديثك معه عن الحرية وبعض معالمها، قلت في سياق كلامك "الحمد لله الذي جعلنا أحرارا بتوحيده وعبادته"؛ التفت إليك زميلك في تعجب واستفهام، فقال لك:

  • كيف نكون أحرارا ونحن مقيدون، بالفرائض والواجبات وغيرها؟ أهذا يعتبر حرية؟
  • من خلال هذا النقاش ما هو الجواب الذي يمكنك أن ترد به على زميلك؟
  • وما العلاقة الرابطة بين التوحيد والحرية؟ وهل الحرية مطلقة أم مقيدة بضوابط وقواعد؟

تحليل نصوص الانطلاق.

النص (1) :قال تعالى :(وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآَمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ ) سورة يونس، الآية : (99).

النص (2) : قال الله تعالى: {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَٰهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَىٰ عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَىٰ سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَىٰ بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللَّهِ ۚ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ}. سورة الجاثية، الآية : (22).

النص (3) : يقول الباري تبارك تعالى في كتابه :{ وَمَا لِي لاَ أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (21) أَأَتَّخِذُ مِن دُونِهِ آلِهَةً إِن يُرِدْنِ الرَّحْمَن بِضُرٍّ لاَّ تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلاَ يُنقِذُونِ (22) إِنِّي إِذًا لَّفِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ (23) إِنِّي آمَنتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ (24)}. سورة يس، الآيات : (21ـــ24).

شرح المفردات.

  • أفرأيت من اتخذ إلهه هواه : أي أخبرني عمن جعل إلهه ومعبوده هواه.
  • وأضله الله على علم : أي على علم من الله تعالى بأنه أهل للإضلال وعدم الهداية.
  • وجعل على بصره غشاوة : أي ظلمة على عينيه فلا يبصر الآيات والدلائل.
  • أفلا تذكرون : أي أفلا تتذكرون أيها الناس فتتعظون.

ما يستفاد النصوص.

مايستفاد من نصوص درس التوحيد والحرية:
  1. تسلية للرسول وتخفيف عنه من ألم وحزن عدم إيمان قومه وهو يدعوهم بجد وحرص إلى الإيمان، فأعلمه ربه أنه لو شاء إيمان كل من في الأرض لآمنوا، ولكنه التكليف المترتب عليه الجزاء، فيعرض الإيمان على الناس عرضاً لا إجبار معه فمن آمن نجا، ومن لم يؤمن هلك. 
  2. التنديد بالهوى والتحذير من اتباعه، فقد يفضي بالعبد ترك متابعة الهدى إلى مطاوعة الهوى، فيصبح معبودُه هواه لا الباري تعالى الذي خلقه وسواه.
  3. وأيّ شيء يجعلني لا أعبد الذي خلقني وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ أَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ آلِهَةً إِنْ أرادني جل جلاله بِضُرٍّ لا تدفع عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئاً، إني إذا عبدت هذه الأصنام لفي ضلال واضح بين لا يحتاج إلى دليل عليه. إِنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ خالقكم ورازقكم ومالك أمركم فَاسْمَعُونِ.

التحليل.

المحور الأول : مفهوم التوحيد و أنواع.

أولا : مفهوم التوحيد.

  • التوحيد : التوحيد لغة : جاء لمعنيين : يقال وحّد يوحد توحيدًا؛ أي: جعل الشيء واحدًا، ومنه قولهم: وحّد القبائل؛ أي: جعلها واحدة تحت حاكم واحد هذا معنى، والمعنى الآخر : هو اعتقاد الشيء واحدا.
  • في الاصطلاح : هو إفراد الله تعالى بالعبادة التي لأجلها خلق الخلق، قال سبحانه : {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون}. وإفراده عز وجل بما يختص به من الألوهية والربوبية والأسماء والصفات أي إفراد الله بما يختص به في الذات والصفات والأفعال.

ثانيا : أنواع التوحيد.

  • النوع الأول: توحيد الألوهية؛ وهو توحيد الله بأفعال العباد، أي أنّ العباد يجب عليهم أن يتوجهوا بأفعالهم إلى الله سبحانه فلا يشركون معه أحداً. قال تعالى : {فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا}. سورة الكهف: (105). (توحيد الذات).
  • النوع الثاني: توحيد الربوبية وهو إفراد الله بأفعاله، أي أننا نعتقد أن الله منفرد بالخلق والملك والتدبير. قال تعالى ( الله خالق كل شيء وهو على كل شيء وكيل )[ الزمر ] . (توحيد الأفعال).
  • النوع الثالث: توحيد الأسماء والصفات، وهو إثبات ما أثبته الله لنفسه من الأسماء والصفات أو أثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم من غير تأويل ولا تحريف ولا تمثيل ولا تكييف ولا تعطيل، ولكن على حسب قوله تعالى { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} (11) سورة الشورى. (توحيد الصفات).

المحور الثاني : مفهوم الحرية، وأصالتها في الإنسان، وأنها من تجليات التكريم الإلهي له.

أولا : مفهوم الحرية.

  • الحرية : هي انعدام الضغوط والقيود التي تحول دون ممارسة حق من الحقوق. وبمعنى آخر هي اختيار الفعل عن رويّة ووعي، مع استطاعة عدم اختياره أو اختيار مضاد له.

فالحرية تعبير عن السلوك الواعي للإنسان الذي ينسجم مع كامل ميولاته، وكامل مناحي تكوين شخصيته الإنسانية، يعبر عنها باعتبارها كيانا متكاملا يهدف إلى الخير للإنسان فردا كان أو جماعة، وتنتهي إلى تمجيد الخالق، واحترام الدين.

ثانيا : أصالة الحرية في الإنسان.

الحرية غريزية في الإنسان، فلا تمنح له؛ وإنما هي من مكوناته الأساسية. فهي الأصل الذي يولد عليه الإنسان. عن أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا مِنْ مَوْلُودٍ إِلَّا يُولَدُ عَلَى الفِطْرَةِ، فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ، أَوْ يُمَجِّسَانِهِ، كَمَا تُنْتَجُ البَهِيمَةُ بَهِيمَةً جَمْعَاءَ، هَلْ تُحِسُّونَ فِيهَا مِنْ جَدْعَاءَ»، ثُمَّ يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: {فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا}. سورة الروم، الآيَةَ: (29). أخرجه البخاري في كتاب الجنائز، بَابُ إِذَا أَسْلَمَ الصَّبِيُّ فَمَاتَ، هَلْ يُصَلَّى عَلَيْهِ، وَهَلْ يُعْرَضُ عَلَى الصَّبِيِّ الإِسْلاَمُ. (1358).

وقال عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ معاتبة لعمرو بن العاص رضي الله عنه ولابنه :" مذ كم استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا".

ثالثا : الحرية من تجليات التكريم الإلهي للإنسان.

فهو الوحيد الحر المكرم : قال الباري تعالى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً}. سورة الإسراء (70). فقد كرمنا الله بحسن الصورة، والعقل والفهم والنطق والقدرة على الفعل .... وهي كلها ترتبط بالحرية، فلولاها لما كان هذا التكريم، ولما أدركنا هذه الحرية. وهذا التكريم تشترك فيه الإنسانية كلها، مهما اختلفت أعراقهم وألوانهم وأجناسهم.

المحور الثالث : علاقة الحرية بالتوحيد.

فلا حرية للإنسان إلا بتوحيد الله وعبوديته وحده، لأن ذلك مما يحرره من عبودية النفس والشيطان والناس وسائر المعبودات الأخرى المذلة للإنسان. فالحرية الحقيقية هي أن يتحرر القلب من سائر العبوديات، ويَخلُص لعبودية الله وحده، ولا يتلقى الأمر والنهي في التشريعات إلا منه عز وجل، لأنه أعلم بما يصلحه في دنياه وآخرته.

وعقيدة التوحيد تحرر الإنسان من :

  • عبادة العباد،
  • وكل ما يعبد من غير الله تعالى،
  • وأيضا من الأنانية والفردية؛

لأن التوحيد يستوجب مجموعة من القيم الاجتماعية الإيجابية، كالأخوة والتعاون والتعاضد والنصيحة والتكافل، ومن عبادة الهوى، قال تعالى {أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا}  سورة الفرقان: (43)، ومن كل ما يتنافى مع الأخوة الإنسانية، كالتعصب، وقطع الأرحام، والعنصرية، والتسلط، والاستعمار...

  • والتوحيد أيضا تحرير للعقل من الأوهام والخرافات من خلال : 

1- التأكيد على المنهج العلمي في التفكير: قال تعالى : {وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا}. سورة يونس: (36).وقال سبحانه : {وَمَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ}. سورة الجاثية: (24). 

2- التأكيد على الحجة والبرهان واليقين، والابتعاد عن الظن والأوهام والخرافة، قال جل جلاله : {قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ}. سورة النمل: (66).

3-و أيضا التأكيد على النظر العقلي واستثمار سنن الكون، قال تعالى : {قُلِ انظُرُواْ مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا تُغْنِي الآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَن قَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ}. سورة يونس: (101).

المحور الرابع : ضوابط الحرية:

لقد كفل الإسلام منذ عهد التنزيل حرية الإنسان، وراعى ذلك في تشريعاته وأحكامه التي نزلت بها نصوص الوحي، ولكنه لم يطلق هذه الحرية على عواهنها ليمارسها الإنسان متى أراد، وكيفما أراد. بل جعل لها ضوابط تحكمها، وأحكام تقيدها حتى تتحقق مقاصدها الخيرة للفرد والجماعة على حد سواء. وتتمثل هذه الضوابط في الآتي:

  1. ألا تؤدي حرية الفرد إلى الإضرار بالمجتمع وبحرية الآخرين، فتفوت بذلك حقوقا أعم.. فحرية الفرد وحقوقه شرطها أن لا تضيع معها حرية وحقوق الآخرين.. والفرد لا يمكنه أن يستأثر بحرية فائضة عن حدوده ومستقطعة من حرية الآخرين دون وجه حق، فحريته إنما تنتهي حيث تبدأ حرية الآخرين، والإسلام  لم يمنح الحرية للفرد على حساب حرية باقي الأفراد داخل المجتمع.
  2. و أيضا أن تكون الحرية منضبطة بحدود الشرع، ومتحررة من الشهوات : فالحرية الحق هي الحرية المندرجة في حمى الدين، والمقيدة بضوابط الشرع، فتحكم تصرفات الإنسان وفقه. والموافقة لمقصد الشريعة في جلب المصالح ودرء المفاسد، ويكون الإنسان معها محررا من سائر العبوديات الأخرى غير عبودية الله عز وجل، وأولها شهواته الضارة بنفسه وبمجتمعه. 

إن حد الشريعة من حرية الإنسان في نيل كل شهواته، إنما مقصده الحفاظ على هذه الحرية المستمرة للإنسان، وحكمته التحرر من عبودية الشهوة واللذة والإنفكاك من أسرها، لأن في ذلك الأسر للشهوة ضرر للفرد والمجتمع.. فالحرية لا تتم أحيانا إلا بالمنع؛ ألا ترى أن منع المريض مثلا من طعام مضر، إنما هو منع مؤقت لممارسة حريته، يكفل له بعد ذلك حريته الكاملة في تناول ما شاء بعد شفائه، وكذلك سجن المجرم لفترة فيه تقييد لحرية الحركة وممارسة الحياة الطبيعية. ولكن الغاية من ذلك أن يعرف قيمة حريته، ويتعلم كيفية ممارستها في سائر حياته الباقية فلا يؤذي نفسه وغيره.

أما الضابط الثالث من ضوابط الحرية هو أن تكون هذه الحرية قائمة على أساس من قاعدة التوحيد والعبودية لله.

إذن نختم هذه المسألة فنقول بأن الحرية المطلقة هي فكرة خيالية لا يمكن تصورها على أرض الواقع، وأنها ضرب من الفوضى داخل المجتمعات.

القيم المستفادة من درس التوحيد والحرية.

اهم القيم المستفادة من التوحيد والحرية:
  • الحرية قيمة إنسانية واحترامها احترام لإنسانيتي.
  • أكسب حريتي من خلال التوجه إلى الله طاعة وعبادة (توحيد الله).
  • أيضا أحرر نفسي من الجهل بتنمية قدراتي العقلية بالعلم والتقوى.
  • أحرر نفسي من الأفكار الخاطئة عن طريق استخدام عقلي.
  • و أيضا أحرر نفسي من خلال احترام حريات الآخرين.
  • أحرر نفسي من خلال إنجاز الواجبات المطلوبة مني دينا ودنيا.
  • كما أحرر نفسي من العادات السلبية  بممارسة العادات المفيدة الإيجابية.
شاهد أيضا:


التصنيفات

شارك المقال لتنفع به غيرك

قد تُعجبك هذه المشاركات

إرسال تعليق

ليست هناك تعليقات

3446970526247116861

العلامات المرجعية

قائمة العلامات المرجعية فارغة ... قم بإضافة مقالاتك الآن

    البحث